html
دعوات لترحيل الغزيين: عصر أمريكي جديد في انتهاك القانون الدولي
في 24 فبراير 2025، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط مع تزايد التقارير عن خطط أمريكية مقترحة لترحيل سكان قطاع غزة. أثارت هذه الدعوات، التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جدلاً واسعاً حول مدى توافقها مع القانون الدولي. وفقاً لتصريحات رسمية أدلى بها ترامب في وقت سابق من هذا الشهر، اقترح أن تتولى الولايات المتحدة “ملكية طويلة الأمد” لقطاع غزة، مع نقل سكانه إلى دول عربية مجاورة مثل مصر والأردن، بهدف إعادة تطوير المنطقة لتصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”.
بدأت الفكرة تتبلور في 4 فبراير 2025، عندما أعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة “ستتولى” غزة، مشيراً إلى أن الفلسطينيين هناك “ليس أمامهم خيار سوى المغادرة”. في اليوم التالي، رفضت دول عربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن، الاقتراح بشكل قاطع، محذرة من أنه قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة. وقالت وزارة الخارجية السعودية إنها “ترفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم”، مؤكدة أن السلام لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية.
في 12 فبراير، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها، حيث قال رئيس مفوضية حقوق الإنسان، فولكر تورك، إن “الترحيل القسري للسكان من الأراضي المحتلة محظور بموجب القانون الدولي”. وأضافت منظمة العفو الدولية أن مثل هذه الخطة “تنتهك بشكل صارخ” القوانين الدولية وقد تشكل “جريمة حرب”. من جانبه، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، من أن الضغط الأمريكي لتنفيذ هذا المقترح قد يشعل “دورة جديدة من الصراع العنيف” في المنطقة.
في غزة، أبدى السكان رفضاً قوياً. وقال أحد السكان المحليين، وهو عامل مساعدات تحدث دون الكشف عن هويته، “لن نقبل بمغادرة أرضنا بناءً على وعود فارغة”. كما دعت حركة حماس، في بيان صدر في 10 فبراير، إلى مواجهة الخطة، معتبرة أن الضمانات الأمريكية لاتفاق وقف إطلاق النار “لم تعد صالحة” في ظل هذه التطورات. وفي الوقت نفسه، أشار نتنياهو في تصريحات لاحقة إلى أنه لا يرى “أي ضرر” في السماح لمن يرغب من الغزيين بالمغادرة، مما زاد من تعقيد الموقف.
على الصعيد الدولي، انضمت دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا إلى جوقة المنتقدين. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الترحيل القسري “سيشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي”، بينما اعتبرت ألمانيا أن الاقتراح “يثير قلقاً عميقاً”. ومع اقتراب موعد القمة العربية الطارئة في القاهرة يوم 27 فبراير، تعمل مصر على صياغة رؤية بديلة تهدف إلى إعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، وفقاً لما أعلنته الحكومة المصرية في 12 فبراير.
يبقى مصير هذه الخطة غامضاً، حيث يرى المحللون أن نجاحها يعتمد على تعاون الدول العربية التي أبدت رفضاً موحداً حتى الآن. ومع استمرار الجدل، يظل السؤال المطروح: هل ستتمكن الولايات المتحدة من فرض رؤيتها، أم أن القانون الدولي ومعارضة المنطقة ستحولان دون ذلك؟